العلاج الطبيعي

آلام أسفل الظهر.. الحلقة المفقودة في العلاج

تشير أحدث الدراسات الطبية إلى أن معدل الإصابة بآلام أسفل الظهر يتجاوز ال80% خلال فترات الحياة. ولو نظرنا إلى التكلفة الإقتصادية التي تنفق في علاج آلام أسفل الظهر لرأينا عجبا؛ ففي الولايات المتحدة الأمريكية وحدها، يصرف مايقارب الخمسين بليون دولار سنويا لعلاج آلام أسفل الظهر بشكل مباشر، كما ويصرف من 7.4 إلى 19.8 بليون دولار بشكل غير مباشر على ذات المشكلة. أضف إلى ذلك كله وجود معدل زيادة في التكاليف يصل إلى حدود 26 بليون دولار سنويا؛ أي أن مجموع هذه التكاليف التي تنفق في علاج آلام أسفل الظهر في أمريكا وحدها لا يقل عن 90 بليون دولار في السنة حسبما جاء في دراسة أجريت في عامي 2010 و 2011.

وتشير جملة من الأبحاث الطبية التخصصية إلى أصناف محددة تزداد لديهم فرصة الإصابة بآلام أسفل الظهر مقارنة بالأشخاص العاديين، ونذكر منهم إيجازا:

  • الأشخاص الذين يعانون من السمنة.
  • الأشخاص الذين تعرضوا سابقا لنوبة من نوبات آلام أسفل الظهر.
  • الأشخاص الذين يحملون أثقالا تتجاوز ال25 باوندا (أي مايزيد عن 11كيلوجرام).
  • الأشخاص الذين يعانون من خلل في وضعية الجسم. (Awkward posture)
  • الأشخاص الذين يعانون من القلق والتوتر.
  • الأشخاص الذين لا يشعرون بالرضا الوظيفي والأشخاص الذين لديهم خلافات داخل نطاق العمل.
  • الأشخاص الذين يقضون أوقاتا طويلة في السياقة، الوقوف، الجلوس، أو تتطلب أعمالهم القيام بذلك بشكل دائم ومستمر كسائقي التاكسي، المعلمين، موظفي المكاتب على سبيل المثال لا الحصر.
  • الأشخاص الذين يعملون في نقل المرضى وتأهيلهم كاختصاصيي العلاج الطبيعي مثلا.
  • تربط بعض الدراسات الجنس بنسبة التعرض لآلام أسفل الظهر؛ حيث أن النساء أكثر عرضة للإصابة بنوبات ألم أسفل الظهر من الرجال.

ورغم تعقيد أسباب الإصابة بآلام أسفل الظهر وتعدد أنواعها، تشير بعض الأبحاث الطبية إلى أن آلام أسفل الظهر قد تتماثل للشفاء من تلقاء نفسها بنسبة 50% خلال أسبوعين، و70% خلال شهر واحد، و90% خلال أربعة أشهر، وهذا بالطبع يعتمد على عدة عوامل أهمها شدة الألم، وسبب الإصابة به وكذلك وجود عوامل الخطر التي تزيد من معدل حدوثه أو من شدته كما سبق وأشرنا لها.

ونشير ختاما إلى نقطة مهمة جدا تناولتها كذلك عدد من الأبحاث العلمية، ألا وهي أن نسبة بقاء الألم أو استمراره أو عودته كبيرة نوعا ما؛ يشير أحد الباحثين إلى أن ما يقارب 60% إلى 80% من الأشخاص الذين يتعرضون لنوبة من نوبات آلام أسفل الظهر يبقون يعانون من الألم والعجز في السنة التي تلي تعرضهم لهذه النوبة، وهذا يطرح تساؤلا مهما وكثيرا ما سمعناه من المرضى، ألا وهو: لماذا شعرت بالتحسن لمدة معينة ثم عادت نوبات الألم بالهجوم عليّ مرات أخرى؟! ويستحضرني عدد ليس بالقليل من الحالات التي فاجأتنا بوجود انتكاسة من دون سبب واضح، وبعد الفحص والتدقيق أكد المرضى ذات السبب الذي يعلل به الباحثون هذه الظاهرة؛ أن المريض يهمل الدور المناط به في عملية التأهيل، ولا يتبع بدقة تعليمات المتخصصين في هذا المجال رغم بساطتها وأهميتها، ورغم تأكيد المتخصصين وتشديدهم على اتباعها في كثير من الحالات.

النظريات الحديثة في العلاج والتأهيل غالبا ما تجعل جزءا مهما من العلاج على عاتق المريض ذاته، فإذا لم يقم المريض بالتخلص من عوامل الخطر التي ذكرت، أو لم يقم باتباع التعليمات من المتخصصين بدقة يحدث خلل في أحد الأطراف المهمة في العلاج، وهذا يؤدي إلى نشوء التذبذب في استقرار الألم وأحيانا معاودته مجددا، وهذه إحدى أهم الحلقات المفقودة في علاج آلام أسفل الظهر وكذلك في كثير من الحالات الأخرى.

وبناء عليه، فإنه من الضروري أن نشير – ولو إجمالا- إلى أهم التوصيات الطبية الموثوقة في الأوساط العلمية، والتي غالبا ما تعطى للمرضى في الدول الغربية لضمان إستمرارية العلاج بشكل متكامل، وكذلك للوقاية من التعرض لنوبات آلام أسفل الظهر.